منبر الفكر

الصيامُ غايتُه التقوى ..وشهرُ رمضانَ فرصة لتدبر القرآن ..رؤية جديدة للشرفاء الحمادي

الكاتب باحث ومفكر، مهتم بالشأن العام العربي والإسلامي وله العديد من المؤلفات والأبحاث المرموقة

الملخص

يؤكد المفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي أن صيام شهر رمضان وسيلةٌ تهدف إلى غايةٍ مهمةٍ وهي التقوى، ويوضح الكاتب أن التقوى هي أداء تكاليف الله – عز وجل – كما أمر، والبعد عن المعاصي والظلم والبغي، وأن يكون الإنسان متعاونًا على البر والتقوى، وفي رمضان لا بد من أن نتوسع في أعمال الخير، ونجاهد أنفسنا ونكبح جماحها.

واختتم الشرفاء حديثه مطالبًا المسلمين بأن يغتنموا شهر رمضان، ويعودوا إلى القرآن قراءةً وتدبرًا، فالقرآن الكريم يتضمن خارطةً كاملةً وشاملةً لجميع أمور الحياة.. إلى التفاصيل..

الصيام غايته التقوى

صيام شهر رمضان وسيلةٌ فقط تهدف إلى الوصول إلى غاية منشودة وهي التقوى، وهذا واضحٌ في قول الله – عز وجل – “يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة: 183).

معانٍ جليلة للتقوى

والتقوى هي أداء تكاليف العبادات كما أمر الله، والخوف منه يوم الحساب الذي يمنعه من ارتكاب أنواع المعاصي كافة، وكفُّ الأذى والعدوان والبعد عن الظلم والبغي والتقرب إلى الله بتلاوة القرآن والتدبر في آياته واتباع ما أنزل الله واجتناب ما حرمه، قال تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” (المائدة: 2).

التوسع في أعمال الخير

فالله – عز وجل – يأمر المسلمين بالتوسع في أعمال الخير والإحسان والتعاون في سبل الخير كافة والإصلاح بين الناس والتكافل في مساعدة المحتاجين ورفع الضرر عن المظلومين والامتناع كليًّا عن مساعدة الظالمين، وإعانة المعتدين، واتباع سبل العدل والدفاع عن الحقوق.

صرف الناس عن الغايات

لقد ابتُليت الأمة ببعض فقهاء السوء الذين خدعوا الناس باجتهاداتٍ استمدوها من رواياتٍ تدعم استنتاجاتهم لصرفهم عن الخطاب الإلهي للناس، وعمل هؤلاء بدعوتهم إلى حصر الأركان في العبادات، وعملوا على إلهاء الناس وصرفهم عن الغايات والأهداف العليا للإسلام واستبدالها بالوسائل.

مجاهدة النفس وكبح جماحها

فالعبادات سهلة التطبيق ولا تحتاج إلى جهد في مجاهدة النفس وتطويعها وكبح جماحها في تدريبها على أخلاق القرآن وفضائله النبيلة التي أمر الله المسلمين بأن يلتزموها في معاملاتهم وسلوكياتهم.

استهداف الأمة في عقيدتها

وليس في كل الأحوال تكون النوايا حسنةً والمقاصدُ طيبةً، بل إننا نستشعر أن حملات استهداف الأمة فكريًّا وعقائديًّا كانت الروايات والإسرائيليات تقف خلف هذا الهدف للحيلولة دون قيام الأمة ونهوضها، لينشغل المسلمون في دوامة المناظرات والفلسفات المستوردة من أوروبا والانزلاق في تصديق الروايات التي فرقت المسلمين شيعًا وطوائف وأحزابًا يقاتلون بعضهم بعضًا، في حين نقرأ في القرآن أنَّ النبي جعله الله رحمةً للعالمين بقوله تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” (الأنبياء: 107).

العودةُ إلى كتاب الله

شهرُ رمضان فرصة للمسلمين أنْ يعودوا إلى القرآن الكريم، قراءةً وتدبرًا وفهمًا لمعانيه وتنفيذ تعاليمه في المعاملات بين الناس والحياة كافة.

شهر رمضان والقرآن

هذا الشهر الكريم، كرَّمه الله سبحانه وتعالى بأن أنزل فيه القرآن الكريم ليكون هدىً للناس، حيث قال تعالى: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (البقرة: 185).

تدبر القرآن

تدبر القرآن من الضروري أن يكون مستمرًّا طوال أيام العام، وليس خلال الشهر الكريم فقط، خاصةً أن الآيات القرآنية تتحدث عن ذمِّ هجر القرآن الكريم، قال تعالى: «وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا» (الفرقان: 30).

القرآن خارطة طريق

والقرآن الكريم يتضمن خارطةً كاملةً وشاملةً لجميع أمور الحياة والأزمات التي قد يمرُّ بها الناس، حيث قال تعالى: «وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ» (الأنعام: 38).

هجر القرآن

من المؤسف أن بعض المسلمين يلجؤون إلى قراءة القرآن الكريم خلال شهر رمضان فقط وهجره في باقي أيام العام، ويقتصر الأمر على القراءة فقط، دون تدبره وفهم معانيه.

الحكمة من الصيام

في النهاية نقول إن الصيام لا يعني الامتناع عن الماء والطعام، ولكنه أعظم من ذلك، وهو توجيه النفس ومجاهدتها لتطبيق شريعة الله ومنهاجه في الكتاب المبين، ليتحقق له النجاح في يوم العيد، ويفرح بانتصاره على النفس، التي دومًا تتَّبع ما يزينه لها الشيطان من ارتكاب المعاصي، ومخالفة أوامر الله لمصلحة الإنسان، ولذلك فإن كانت نتيجة الصيام تحققت بنجاحٍ في شهر رمضان فإنه يستطيع أن يكمل مشوار حياته في طاعة الله وتحقق له النصر على النفس الإمارة بالسوء، وقد استطاع الإنسان أن يدرك فوائد طاعة الله، والاعتصام بقرآنه، ليحيا حياةً طيبة ويحمي نفسه من أهوال يوم القيامة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى