أرصفة وحديقة بارك السعدون
بقلم: الدكتورة نبراس المعموري
تعد عملية تعديل أرصفة شوارع بغداد واحدة من مشاريع البنية التحتية التي تهدف إلى تحسين المشهد الحضري وتوفير مساحات مريحة وآمنة للمشاة وتوسيع الشوارع .
ويحسب لحكومة السوداني أنها استثمرت عدد من المناطق استثمارا جيدا لمشاريع توسيع الشوارع ، خاصة التجارية منها . ومع ذلك، كان هناك اخفاق واضح في مشاريع اخرى ؛،بعد أن استهدفت بعض من هذه المشاريع مناطق ليست بحاجة لذات العمل ؛ بل على العكس شوهت من معالمها، واثرت على نسبة المساحات الخضراء فيها ، بعد ان تم قطع العديد من الأشجار تحت طائلة تعديل الأرصفة ، بالرغم أن المساحة الممنوحة لشوارع تلك المناطق جيدة مثل ما حصل حاليا في منطقة بارك السعدون ببغداد ، والتي تعد من اكثر المناطق التي تمتاز بسعة شوارعها وتخطيطها الهندسي .
كما لم تسلم المساحات الخضراء فيها ؛ فعلى سبيل المثال تم قطع كل الأشجار المحيطة بالملعب الرياضي المخصص لشباب المنطقة !! ولا اعرف ما الجدوى من ذلك ؟؟ بالمقابل كان من الاولى المباشرة بما أعلنت عنه أمانة بغداد، في اذار 2023، بشأن مشروع تطوير وتأهيل حديقة بارك السعدون وتحويلها لمركز ترفيهي وسياحي . علما ان البارك الممتد على مساحة 21 دونم من الحدائق ذات البعد التاريخيّ في العاصمة بغداد ، والتي انشئت بين عامّي 1939 و1941 في عهد أمين العاصمة انذاك أرشد العمري ، وكانت مقصداً للترفيه والتنزه العائلي ، ثم أُهملت وصارت كراج للسيارات ومستنقع للمياه الآسنة ومكب للنفايات وملاذا للكلاب السائبة .
مظاهر الفساد !!
من مظاهر الفساد في مشاريع البنى التحتية هي منح العقود لشركات معينة دون المرور بالإجراءات القانونية الشفافة. وهذا يجعلنا نراجع ما صرح به عضو لجنة النزاهة النيابية رحيم الدراجي في سنوات مضت بشأن الحكومات السابقة و اهدار (228) مليار دولار في مشاريع بناء بنى تحتية ولكن على الورق فقط”، وعلى الرغم من محاولات الحكومة الحالية مكافحة الفساد المالي والإداري؛ إلا أن هذه الظاهرة ظلت ملازمة لعدد من المشاريع بسبب سياسة المحاصصة النفعية ، مما أدى إلى أن تقوم بعض الشركات بمخططات إدارية غير مدروسة جيدا ، واستخدام مواد بناء رديئة الجودة بهدف تقليل التكاليف وزيادة الأرباح . وهذا أدى إلى تدهور سريع في حالة الأرصفة، التي بدأت تظهر عليها علامات التآكل والتلف بعد فترة قصيرة من اكتمال الأعمال. كما شهدت بعض المشاريع المرتبطة بالبنى التحتية تأخيرات في الإنجاز، وهو ما يُعزى غالبًا إلى عدم الكفاءة في الادارة، خاصة ان بعض المشاريع تم اعادة العمل بها لأكثر من مرة تحت نفس الباب كما حصل في منطقة العرصات عبر مراحل متعددة .
الحاجة إلى إصلاحات جذرية:
من الواضح أن عملية الإعمار الخاصة بمشاريع البنى التحتية تتطلب إصلاحات جذرية لضمان تنفيذها بطريقة شفافة وفعالة. كما من الضروري قيام الحكومة باتخاذ إجراءات صارمة لمراقبة العقود والمشاريع العامة ومتابعة المتلكئ منها، وان يكون للأجهزة الرقابية المعنية دور اكبر في المتابعة ، لضمان جودة العمل وتطابقها مع المعايير والمواصفات المطلوبة؛ لضمان عدم تكرار الأخطاء والتجاوزات التي أصبحت سمة لعدد من مشاريع البنى التحتية . مع تأكيدنا أن ما تقوم به الحكومة الحالية يشار له بالبنان ؛ لكنه بذات الوقت يحتاج تكاتف الجميع ؛ بما فيها الإعلام والرقابة الشعبية ؛ لمكافحة كل محاولات التشويه او الإرباك لعملية البناء والإعمار التي نطمح أن تتحقق بعد سنوات طويلة من التعثر والإهمال والفساد .