فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ.. رؤيةٌ جديدةٌ للشرفاء الحمادي
الملخص
في أطروحةِ اليوم يؤكد المفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، على ما جاء في قول الله تعالى “فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى”، قائلا، إن كل إنسان لا يستطيع أن يزكِّي نفسه ويجعلها من الفئة الناجية، لأن ذلك حقٌّ محصورٌ لله وحده، يفصل فيه بين خلقه يوم الحساب، ويتساءل: كيف يحقُّ للإنسان أن يكون قاضيًا على نفسه؟، ثم يطالب المسلمين بأن يؤدوا العبادات ويلتزموا بالتشريعات القرآنية ويطبقوا في حياتهم الأخلاق والفضيلة والعمل الصالح التي أمر بها الله.. التفاصيل في السياق التالي.
التفاصيل
الحكم له وحده
قال الله تعالى: “فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى” (32 سورة النجم)، كل إنسان لا يستطيع أن يزكِّي نفسه ويجعلها من الفئة الناجية، كيف يحق للإنسان أن يكون قاضيًا على نفسه، بينما ذلك الحق محصور لحق الله في الحكم له وحده على خلقه يوم الحساب، وعلى المسلم أن يؤدِّي العبادات ويلتزم بالتشريعات القرآنية، ويطبق الأخلاقيات والفضيلة التي أمر الله المسلم أن يمارسها في سلوكياته ويعمل الصالحات.
الْبِرُّ والإيمان بالله
وقد وصف الله سبحانه الصادقين والمتقين في قوله: “ليْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” (الآية 177 سورة البقرة).
الله أعلم بعباده
وبرغم التزام المسلم بما جاء في الآية المذكورة أعلاه وتطبيق كل شروطها في حياته، فإنه لن يستطيع أن يحكم بنفسه أنه من الفئة الناجية، وذلك الحكم عند الله سبحانه يوم القيامة، حين يخاطب الناس بقوله: “الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى” (الآية 32 سورة النجم).
أهل البهتان والباطل
فكلٌّ يصنف نفسه من الفئة الناجية المجهولة التي لم يصدر بها حكم من الله حتى تقوم الساعة، فكيف لأهل البهتان والباطل يميزون أنفسهم عن الناس ويتعالون على خلق الله بأنهم المقربون عند الله، وأنهم من الفئة الناجية، فمن الذي سيقرر ذلك الحكم؟ ومتى سيقضي الله بحكمه على الناس ليَمِيز الخبيث من الطيب، وليحكم على العباد من الذين هم أهل الجنة الفئة الناجية، ومن هم الذين من أهل النار الفئة الباغية.
الالتزام بكتاب الله
فليتقوا ربهم وليستعدوا بالأعمال الصالحات وليلتزموا بكتاب الله قولًا وعملًا، ولا يستبقوا حكم الله عليهم، فذلك تزوير وافتراء، والغيب لا يعلمه إلا الله، كما قال سبحانه يبين للناس قواعد الحكم على الناس بقوله: “أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَىٰ نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ” (الآية 19 و20 سورة السجدة).
المنهج الإلهي ومنهج الروايات
ذلك هو المنهج الإلهي الذي سيتم محاسبة الناس على أساسه، فعلى الإنسان أن يختار بين المنهج الإلهي ويلتزم بقواعده لتكون الجنة جزاءه، وأمَّا اختياره لمنهج الروايات والإسرائيليات وخداع نفسه بأنه من الفئة الناجية فإنَّه سيُلقى في نار جهنم خالدًا فيها بما سولت له نفسه وأغواه الشيطان، وقد حكم الله على المتكبرين بقوله: “تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ” (الآية 83 سورة القصص).